خبز الحياة/ نسيم عبيد عوض

الخمسين المقدسة هى الخمسين يوما التالية لقيامة الرب من بين الأموات ‘ نحتفل فيها بالقيامة ‘المسيح قام بالحقيقة قام ‘ وفى فرح والحان البهجة والسرور للقيامة‘

 وبدلا من قراءة السنكسار أو كتاب حياة القديسين والشهداء ‘ نخرج حاملين الصليب بعلامة القيامة ‘ ومعه أيقونة القيامة ونغنى (( أيها الصفوف السمائيين رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح ‘ وإبتهجوا معنا اليوم فرحين بقيامة السيد المسيح))‘

 وفى عيد الفصح اليهودى الذى إنتهى يوم خميس العهد لأنه كان رمزا للمرموز به وهو السيد المسيح ‘ كانوا يعيدون 7 أيام ويأكلون فطيرا بدون خمير ‘ وفصحنا فى العهد الجديد هو المسيح الذى ذبح لأجلنا ‘ الذى بدمه فدانا من الموت ‘ وأيضا فى الخمسين المقدسة على مثال بلا خمير ‘ فليس هناك صوم ولا مطانيات طوال الخمسين يوما ‘ وحتى حلول الروح القدس وإحتفالنا بعيد العنصرة.

الأربعين يوما الأولى من الخمسين المقدسة كان المسيح وسط تلاميذة ورسله كقول الرسول "الذين أراهم أيضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله.أع1: 3.

ونلاحظ أنه خلال الخمسين المقدسة يقرأ إنجيل يوحنا كثيرا وكذلك رسائله ‘ الأول يقدم لنا لاهوت المسيح "الله الظاهر فى الجسد" ورسائله تقدم سلوك المؤمن المسيحى المؤمن بوصاياه ‘ فتقدم المحبة ‘ والنور ‘ والحياة ‘ أن نكون فى شركة مع السيد المسيح. 

ونحن اليوم فى الأحد الثانى من الخمسين المقدسة يقرأ علينا من إنجيل يوحنا الإصحاح السادس :

من إنجيل العشية " فقال لهم أنا هو لا تخافوا."يو6: 20 

من إنجيل باكر " فقال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم ليس موسى اعطاكم الخبز النازل من السماء بل ابى يعطيكم الخبز الحقيقى من السماء. لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب الحياة للعالم."يو6: 32و33.

وفى إنجيل القداس: " أنا هو خبز الحياة النازل من السماء .من يقبل إلي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا."يو6: 35.

وقراءة هذا الإصحاح بعد القيامة له طعم ومعنى ومغزى روحى مهم جدا ‘ فنلاحظ الربط بين القراءات السابقة المتضمنة :

1 – انا هو خبز الحياة.

2- النازل من السماء.

3- واهب الحياة للعالم.

النازل من السماء 

عندما قال الرب لليهود " "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له ياسيد أعطنا فى كل حين هذا الخبز. فقال لهم يسوع انا هو خبز الحياة .."يو6: 33-35‘ فكان اليهود يتذمرون عليه لقوله " أنا هو الخبز النازل من السماء."وقالوا كيف يقول انه النازل من السماء ‘ أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفين بابيه وأمه‘ فكيف يقول هذا أنى نزلت من السماء." فكانوا يتذمرون عليه
‘وهنا نتذكر المرأة السامرية التى كانت عارفة بالمسيا " انا أعلم ان مسيا الذى يقال له المسيح يأتى. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيئ."يو4: 25‘ عندما قال لها الرب" لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لك أعطينى لأشرب لطلبت انت منه فاعطاك ماء حيا. لكن من يشرب من الماء الذى أعطيه انا فلن يعطش الى الأبد. بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية.قالت المرأة ياسيد أعطنى هذا الماء لكي لا اعطش ولا آتى الى هنا لأستقى. يو4: 14و15‘ ومن أجل إيمانها أظهر لها الرب ذاته " قال لها يسوع انا الذى يكلمك هو."يو4: 26‘ وإظهار نفسه كانت نادرة مثل ماقال للمولود أعمى ‘ وعلى الفور المرأة السامرية آمنت بقوله ‘ وتركت جرتها وذهبت للسامريين تخبرهم بلقائها مع المسيا الحقيقى . الله كان يريد أن يفهمهم ان المن النازل من السماء كان طعاما جسديا ‘ وكل من أكله ماتوا فى البرية ‘ أما هو خبز الحياة النازل من السماء يعطى حياة أبدية لكل من يأكل منه ‘ والخبز الذى انا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم .اليهود قد نسوا خروف الفصح الذى ذبحوه فى أرض مصر من أجل فداء الأبكار ‘ ذبحوا الخروف وأكلوه ورشوا الدم على الأبواب ‘ فعبر الملاك المهلك ‘ وفداهم من الموت "خر12" ‘كان هذا هو الرمز الفصح اليهودى ‘ وهذا هو المرموز إليه أمام أعينهم ولكنهم أغلظت قلوبهم فلم يعرفوا. 


قوة القيامة
فى خميس العهد قال لهم الرب يسوع حسب نص الإنجيل"وفيما هم يأكلون اخذ يسوع الخبز وبارك وكسر واعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى. واخذ الكأس وشكر واعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لان هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا."مت26: 26-28‘ وهو اليوم فى النص الموجود أمامنا يقول لهم :

1- انا هو خبز الحياة من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش الى ابدا.

2- لان هذه مشيئةالذى ارسلنى ان كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة ابدية وانا أقيمه فى اليوم الأخير.

3- انا هو الخبز الحي الذى نزل من السماء .ان أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد. ونلاحظ هنا قول الرب ثلاثة مرات " وانا أقيمه فى اليوم الأخير " وهذا هو ماتحقق بالقيامة ‘

وقد أوضحها لنا بشكل قاطع معلمنا القديس بولس الرسول فى رسالته الأولى لأهل كورنثوس إصحاح 15‘ وهو النص الذى يقرأ بالكامل ليلة عيد القيامة‘ فيقول معلمنا القديس بولس لأهل كورنثوس " وان لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم .انتم بعد فى خطاياكم. اذا الذين رقدوا فى المسيح ايضا هلكوا. 1كو15: 17و18‘ فالقيامة قبول من الله الآب لذبيحة الإبن لفداء وخلاص العالم ‘ وفى المعمودية بعد الإيمان بالمسيح فاديا ومخلصا ‘ نموت مع المسيح فداء لنا وغسيل خطايانا ‘ ونقوم مع المسيح لنحي فى رتبتنا الأولى –على صورة الله ومثاله- ويفتح أمامنا الفردوس ‘

وكان قبول الله للذبيحة فى العهد القديم يتم بنزول نار من السماء تأكل الذبيحة ‘ وتستمر هذه النار مشتعلة دائما ‘ علامة قبول الله لفداء الشعب ‘ وقيامة الرب يسوع من الأموات علامة قبول الله على الفداء والخلاص والمصالحة ‘ والمسيح قدم حياته ذبيحة وبها (غلب الخطية ‘ غلب الفساد ‘ وغلب الموت)‘ والقيامة رسالة السماء على قبول الذبيحة‘ وأيضا منحنا الحياة الأبدية التى حرمنا منها بسقوط آدم وطرده من الجنة ‘ كقول الكتاب " الذى أسلم (مات) لأجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا.رو 4: 25" ‘ فالصليب كان ضرورة وقوة القيامة تثبيت لكل الوعود السمائية‘ كقول الكتاب " مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى (المعمودية والتوبة) .هؤلاء ليس للموت الثانى سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله والمسيح .."رؤ20: 6 ‘الموت الثانى لغير المؤمنين للهلاك الأبدى ‘ كل ذلك بقوة القيامة ‘ لأن المسيح هو كما قال لمرثا أخت لعاذر " انا هو القيامة والحياة .من آمن بى ولو مات فسيحيا.وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد."يو11: 25و26.

خبز الحياة

قال الرب يسوع لليهود" انا هو خبز الحياة . انا هو الخبز الحي الذى نزل من السماء .ان اكل احد من هذاالخبز يحيا الى الأبد.والخبز الذى انا أعطى هو جسدى الذى ابذله من أجل حياة العالم."يو6: 48و51‘ وفى خميس العهد ليلة العشاء السرى قال لتلاميذه " خذوا كلوا هذا هو جسدى ‘ اشربوا هذا هو دمى ."مت26"‘ وعندما يقول الرب " الحق الحق أقول لكم ان لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم ."يو6: 53 ‘ فهو يتكلم عن سر التناول المقدس (خبز الحياة) ‘وهذا التناول من جسد الرب ودمه هو السر المقدس( جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق.يو6: 55) الذى يمنحنا نعمة إلهنا علينا والتى تتمثل فى : 

1- يهبنا حياة :

 ولأنه جسد الحياة فمن يتناول منه كقول الرب " من يأكلنى يحيا بى."يو6: 57‘ حياة أبدية لمن يتناول منه ‘ وهو شجرة الحياة التى فى فردوس الله ‘ وبالتناول يوعدنا الله" من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التى فى وسط فردوس الله."رؤ2: 7"‘ وفى القداس الإلهى يقول الكاهن قبل المناولة وحياة أبدية لمن يتناول منه.

2- يهبنا الغلبة على الخطية :

عندما رأى أشعياء النبى السيد المسيح جالسا فى الهيكل وحوله السرافيم صرخ قائلا‘ ويل لى انى هلكت لانى انسان نجس الشفتين وانا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عينى قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إلي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بلمقط من على المذبح ومس بها فمى وقال ان هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك."اش 6: 5-7‘ وجسد الرب ودمه يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه كقول الرب " لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا.مت ـ26: 28.  لأن ناموس روح الحياة يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت ."رو8: 10

3- يهبنا الغلبة على الموت :

إشترط الرب الإله على شعب بنى إسرائيل لكى يفدى أبكارهم من الموت أى يذبحوا خروف الفصح ويأكلوه ويرشوا دمة على الأبواب حتى يعبر الملاك المهلك عندما يرى الدم ‘ وكان هذا هو الرمز الذى يتحقق الآن فى التناول من جسد الحياة ‘ لأن فصحنا هو المسيح الذى ذبح لأجلنا‘ مات ليدوس الموت ‘ و يهبنا حياة أبدية لمن يتناول منه ‘ وكقول الكتاب" الآن قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين . فانه اذ الموت بانسان بانسان ايضا قيامة الاموات. لانه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع. فقد إبتلع الموت الى غلبة .أين شوكتك ياموت .اين غلبتك ياهاوية."1كو15.

4- يهبنا ثباتا فى المسيح:

 حسب قول الكتاب" من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت في وانا فيه."يو6: 56‘ وأيضا " أنا الكرمة وأنتم الأغصان.الذى يثبت في وانا فيه هذا يأتى بثمر كثير. لأنكم بدونى لا تقدرون ان تفعلوا شيئا."يو15: 5. ونقول مع الرسول "لا أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في."

كيف نتمتع بالقيامة:

1- بأن نستمر فى الصوم الروحى ‘ والبعد عن الخطايا والعادات السيئة التى تخلصنا منها فى فترة الصوم الكبير‘ مستمرين كرائحة ذكية للمسيح فيرى الناس أعمالكم فيمجدوا أباكم الذى فى السموات.

2- ننعش الروح داخلنا بالتأمل والحفظ والدراسة لكلمة الله فى الكتاب المقدس ‘ حتى لا نقاوم الروح وحتى لا نطفئ الروح داخلنا‘ حتى نكون فى تدريب كامل لضميرنا من أجل الصلاح والبر‘ كقول الرسول" لذلك انا أيضا أدرب نفسى ليكون لى دائما ضمير بلا عثرة من نحوالله والناس."أع 24: 16.

3- مصلين فى كل حين ‘ ولأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه فمهما سألنا ننال منه كل شيئ .

فلنفرح بالقيامة المجيدة وبالخمسين المقدسة نعيش ونجاهد بالروح حتى نثبت فيه وهو فينا الى الأبد. آمين.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق