رسالة صاحب السّيادة المطران أنطوان - شربل طربيه بمناسبة عيد الفصح 2016

"إنَّه ليس هنا... لقد قام" (لو 24: 6)

أيُّها الإخوةُ والأخوات، أبناءَ أبرشيتِنا الأحباء،

1. إنَّ حقيقةَ القيامةِ التي نقلتْها الملائكةُ في صباحِ اليومِ الثالثِ للمريَماتِ، ومن خلالِهنَّ للرسُلِ وبالتالي لنا جميعاً، هي حقيقةٌ ساطعةٌ وواضحةٌ كالشمس، ومنها تُطِلُّ الكنيسةُ على العالمِ واحةَ رجاءٍ وخلاص. فقيامةُ الربِّ يسوعَ من بينِ الأمواتِ هي جوهرُ إيمانِنا ومصدرُ فرحِنا، وهي الحدَثُ الأعظمُ والأبقى في تاريخِ الانسان، لأنَّها تشكّلُ حجرَ الزاويةِ في بناءِ الكنيسةِ وايمانِ أبنائِها. "فإذا كان المسيحُ لم يَقُم"، كما يقولُ بولسُ الرسول، "فإيمانُكم باطلٌ وأنتم بعدُ في خطاياكُم" (1كو 15:17).

2. "لماذا تبحثونَ عن الحيِّ بين الأموات؟" (لو 24: 5) سؤالٌ جوهريٌّ ومحوريٌّ طُرحَ فجرَ القيامةِ ولا يزالُ صداه يترددُ من جيلٍ إلى جيلٍ حاملاً بُشرى الفرحِ والسلامِ بقيامةِ الربّ. إنّه ليس هنا... ولا يمكنُ من بَعدِ أن يحتويَهُ الموتُ أو أنْ يبقى في القبر. لقد أتى إلينا وسكنَ بينَنا وأبصرْنا مجدَه... مجدَ ابنٍ وحيدٍ للهِ الآب، وأتمَّ رحلتَه على هذه الأرضِ ككلِّ إنسان، مُخْضِعاً نفسَه لسلطانِ الموتِ والقبر! لكنَّه وبفعلِ حُبٍّ أقوى من الموتِ، قامَ وانتصرَ على الموت. لقد قام... حقاً قام، وبقيامتِه فتحَ أمامَنا الطريقَ الموصِلَ من الأرضِ الى السماءِ ونقلَ بشريَّتَنا من الموتِ الى الحياة.

3. واحتفالُنا بعيدِ القيامةِ هذا العامَ يقعُ في قلبِ السنةِ اليوبيليةِ للرحمة، والتي أرادَها لنا قداسةُ البابا فرنسيس منطلَقاً لتجديدِ الإيمانِ بالتوبةِ وانفتاحاً حقيقيّاً على الآخرين َ ودعوةً مفتوحةً للالتفاتِ الى إخوتِنا وأخَواتِنا المهمَّشينَ والفقراءِ والمحتاجين، فننطلقَ إليهم ونكونَ لهم واحاتِ رجاءٍ ومحبةٍ، نحملُ اليهم رحمةَ اللهِ لنا بيسوعَ المسيحِ الذي يتماهى مع كلِّ فقيرٍ ومريضٍ ومضطَهَدٍ وغريب. 

4. ونحنُ في أبرشيَّتِنا، نصْبُو لعَيشِ فرحِ القيامةِ في عائلاتِنا ورعايانا كلَّ يوم، وننطلقُ معاً متسلِّحينَ بالعزم والإرادةِ للقيامِ بالمشاريعِ الرعويةِ مُلبّينَ الحاجةَ الروحيةَ لأبنائِنا الموارنةِ المنتشرينَ في كلِّ أنحاءِ هذا الوطنِ الاوستراليِّ العزيز، بإنشاءِ رعايا جديدةٍ في مناطقَ جديدة. ويتكاملُ العملُ الرعويُّ مع العملِ الرسوليِّ  في مؤسسة مارونيتكير  MaroniteCare، التي ترعى المشاريعَ الإنسانيةَ في الأبرشية، وخصوصاً تلك المتعلقةَ بالزواجِ والعائلةِ وبالمسنِّينَ والمـــُدمنينَ، وبرسالتِنا تُجاهَ اللاجئينَ والفقراء، مستلهمينَ وحيَ العنايةِ الإلهيةِ ومتّكلينَ على صَلاتِكم الدائمةِ وتعاوُنِكم المحب، ودعمِكم السخي، أنتم أبناءَ مارونَ الأوفياء.

5. إن قيامةَ الربِّ يسوعَ المسيحِ هي أكبرُ من حدَثٍ وأبعدُ من احتفالٍ وأكثرُ من ذكرى، إنّها نبعُ الحياةِ الجديدةِ لكلِّ واحدٍ منا، ومحرِّكٌ للرجاءِ الصالحِ الذي يُحوّلُ مسيرةَ الانسانِ من الحياةِ المائتةِ الى حياةٍ لا يستطيعُ الموتُ إدراكَها.

6. وعلى هَدْيِ أنوارِ القيامةِ نسألُ الربَّ يسوعَ أن يُنيرَ العقولَ المظلمةَ والتي تخطِّطُ للارهابِ والقتلِ والحروبِ بين الشعوبِ وخصوصاً في منطقةِ الشرقِ الاوسطِ المتألمة، فيعودوا الى ضميرِهِم ويعْمَلوا لايقافِ الحربِ فوراً، فتنطلقَ مجدداً مسيرةُ السلامِ، رحمةً بالشعوب المعذبة ورأفةً بالمظلومين. ونصلي بشكلٍ خاص لأجل وقف إضطهاد المسيحيين لتُشرقَ على العالمِ أجمعَ شمسُ القيامةِ ويَحِلَّ السلامُ والفرحُ الحقيقيُّ مكانَ الحُزنِ والكآبة. 

7. أيها الاحباء،
من أجلِكم جميعاً في هذا العيدِ أصلي، ومعَكم للربِّ يسوعَ القائمِ من الموتِ أُسبِّحُ، ولحضورِهِ الدائمِ معنا في القربانِ المـــُقدسِ أسجُدُ، وليكنْ عيدُ القيامةِ هذه السنةَ حافزاً لنا لتجديدِ الحياةِ الروحيةِ في عائلاتِنا، وانطلاقةً لعيشِ الرحمةِ في حياتِنا، وباعثَ رجاءٍ جديدٍ في كنيستِنا، فنَهتُفَ معاً وبصوتٍ واحدٍ قائلين :

المسيحُ قام... حقاً قام!

سيدني في 27 آذار 2016      
+ المطران أنطوان- شربل طربيه
راعي أبرشية أوستراليا المارونية

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق