مدلولات شعارات ابينا البطريرك لويس ساكو: "الاصالة ،الوحدة، التجدد"/ يوحنا بيداويد

ملبورن استراليا
في البداية اود ان  اهنيء وابارك جميع ابائنا الاساقفة المشاركين في سينودس الاخير المقام في روما حاليا على انتخابهم اباً روحياً جديداً للكنستنا الكلدانية. في نفس الوقت اهنيء غبطة  ابينا البطريرك الجديد مار لويس روفائيل الاول ساكو على  انتخابه بطريركاً  على كرسي بابل للكلدان  في العالم. لتكن اليد الرب في حمايتكم جميعا والروح القدس ملهمكم وحنان الاب يرعاكم.
في تاريخ كل امة اياماً مجيدة خالدة لا تثمن ولا تنسى، من اجمل الذكريات السعيدة والجميلة التي ستتذكرها الاجيال الحاضرة والقادمة هو الاول من شباط 2013، يوم حلول الهام الروح القدس على ابائنا  مجلس اساقفة الكلدان وخروجهم بروح واحدة كما خرج تلاميذ الرب المسيح مع العذراء مريم من عُلية صهيون وهم ممتلئين من مواهب الروح القدس  خرجوا وهم منتخبين اخا وابا وخادما جديدا لمذبح الرب وكنيسته المقدسة واخوته المؤمنين المنتشرين في انحاء المعمورة والوطن الام العراق.
ان شعارات التي رفعها غبطة ابينا البطريرك لويس ساكو في خطابه الاول هي حقاً عميقة وغنية في مدلولاتها الروحية والفكرية والانسانية و حتى الوطنية. عميقة لمن انتظر طويلاً لبزوغ فجراً جديداً في هذه الكنيسة، لمن كان ممتلءً من القهر والحزن  لما اصابها في الفترة الاخيرة من الهوان والضعيف لاسباب كثيرة وعديدة،  املنا، بل لنا الكل الامل ، ان تتوحد الكنيسة الكلدانية  في رؤية  واحدة من خلال هذه الشعارات ، العلامات المضيئة التي وضعها غبطته كدالات لمسيرة الكنيسة الكلدانية المشرقية في المستقبل. انه صليب كبير سيشارك في حمله كل ابناء الكنيسة الكلدانية من المشرق والمغرب، من بغداد الى اقاصي الارض، ليس صليب اسقفاً واحداً او كاهناً واحداً او مؤمناً واحداً، بل صليب جميع ابناء الكنيسة بدون تميز، هذا الصليب الذي سيتجسد من خلال تطبيقات ومدلولات  الشعارات الثلاثة التي رفعها سيادته.

الاصالة:
 نحن في شوق كبير للعودة الى الينابيع الاصلية التي استقى منها اجدادنا الشهداء والمؤمنين  يوم عماذهم الاول، اجدادنا الذين حفروا المتاريس حول جداولها  من اجسادهم منذ الفي سنة كي يوصلوا البشارة والمعموذية للمتشوقيين لها، نحن في شوق للعودة الى الانا ( الهوية)  القديمة الماضية الحاضرة والمتجددة، والتي نظن  ان ابنائها ( نحن) بحاجة الى معرفتها بصورة حقيقة ، انا الحية التي لم تمت لحد الان على الرغم من الجروح العميقة  من المذابح والاضطهادات ومصائب الدهر التي لاحقتها على مر القرون، والتي تركت بصماتها، واثارها على  قمة كل جبل و في كل وادي وفي كل كهف و في كل شبر من وادي الرافدين. نحن بحاجة الى معرفة ذواتنا، تاريخنا، لانه مقدس بدماء الشهداء المؤمنيين، نحن بحاجة الى تجديد مقومات التي ساهمت في وجودنا الانساني و الروحي والاجتماعي. نحن بحاجة الى الاهتمام بإحياء هذه المقومات من جديد، الاعتناء بإصالة هذه الكنيسة الرسولية، بهويتنا المشرقية، بعادات ابنائها، بطقوسنا، قيمِنا ،بلغتنا التي هي من المجهورات الثمينة والتي كانت  ادات  لنتفخر بها كأمة اعطت البشرية العلم والمعرفة، بل كانت في احدى المراحل من التاريخ  هي حلقة الوصل للحضارة الانسانية التي نعيش اليوم في نتائجها.   ان مورثاتنا ليست تافه كما يظن البعض ولم تأتي من العدم او من السذاجة، لان الحضارة والمعرفة  الانسانية هي نتيجة لحلقات التواصل بين الماضي والحاضر في وعي الانسان نفسه، وإلا لَكان الانسان يعيش في الكهوف جالساً خلف النار لحد الان.
الوحدة:
 لا نتستطيع  هنا ان لا نتذكر ما قاله السيد  المسيح نفسه لنا جميعاً في وصيته " أعطيكم وصية جديدة: أحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم، إذا أحب بعضكم بعضا عرف الناس جميعا أنكم تلاميذي.  يوحنا 13/35-36"
الوحدة ليست مطلوبة فقط من مجلس الاساقفة وتأييدهم لابيهم البطريرك الان وفي المستقبل ، الوحدة ليست فقط مطلوبة بين الكاهن وابناء رعيته، الوحدة ليست  فقط مطلوبة بين افراد العائلة الواحدة لبناء مستقبلهم ، او ابناء الوطن الواحد، او بين كنائسنا الشرقية و الغربية، الوحدة مطلوبة  حتى بين الانسان وذاتهّ!!!، نعم اخطر علامات الدهر هي ان الانسان منقسم على ذاته فكريا ونفسيا . الانقسام هي سمة العصر، هذه هي المنافذ التي يدخل منها الشرير  بدون رقابة او حراسة ويزرع الزوان بين الحنطة!! يزوع الشك و روح الاستستلام  في الذات. نعم الاختلاف جزء من ناموس الطبيعة التي خلقها الله، وهو ضروري جدا، لانه هو سبب وجودنا  كما نحن  عليه الان ، ولكن حذار من السير على الخطى  غير الصحيحة او الغرق في الوهم والاساطير.
نعم للوحدة في العمل والفكر والتطبيق، نعم للوحدة  في النية والرؤية والطموح،  بدون وحدة في العمل والنية ستشتت قوانا وتقوى علينا مصائب الدهر وستقوى علينا ابواب الجحيم شئنا ام أبينا. فكنيستنا بحاجة الى هذه الوحدة الروحية كي يحضر الروح القدس بنفسه بين الاخوة المؤمنيين جميعا في كل مناسبة.
التجدد:
ان بقاء الذات في ثوبها القديم، تعني ضحالة درجة الوعي و تلكيء الصعود في سلم  الارتقاء والنقاء حسب فلسفة هيجل،  لهذا في كل لحظة يجب ان يكن هناك استعداد للتجدد لدى كل نفس. والتجدد الذي نعنيه هنا، لا يعني كيفما يكون على غرار ما انتجته العولمة المظلمة او التايه في هذا العصر(على الاقل لحد الان!)، وانما التجدد الضروري والمناسب حينما يكون هناك  سبب او  غرض ، التجدد المُلح،  تجديد البناء المؤسسات الروحية، الادارة وطريقة العمل ، النظرة الجديدة للانسان ومشاكله في العصر الحديث، انها تشبه عمليات  جراحية طبية تجرى على جسد حي، على الذات. نعم انها ضرورية ولكن يجب ان تجرى بحكمة تمامة وبدون استعجال ابداً ابداً.
بدون حصول تجدد لدى الذات او في الجماعة او في الكنيسة،  ستزداد قوة المرض، قوة الشرير، وستموت الذات من الهوان والضعف. بكل كلمة اخرى ستعجز الكنيسة عن الوقوف في وجه مصائبها ولن تحافظ على ابنائها.
نعم نحن بحاجة الى  اجراء التجدد في كل اتجاهات، الروحية والاجتماعية ( الفكرية والسياسية والانسانية). لكن يجب ان لا يتم قطع وصال الربط مع مشيمة الام، مع الكنيسة، كل الكنيسة بماضيها المجيد وحاضرها العتيد. مع هويتنا المشرقية بكل مقوماتها.  املنا ان يكون للاخوة المؤمنيين ايضاً   الصبر الكافي  على الرغم من انتظارهم  الطويل لظهور  لتطبيقات مثل هذه الشعارات " الاصالة والوحدة والتجدد" بكل جدية وبصورة حقيقية في الكنيسة الكلدانية. 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق