المطران جورج بو جوده يدشن كنيسة مار شربل في انفه


الغربة ـ فريد بو فرنسيس
دشن رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، كنيسة مار شربل، في رعية انفه المارونية، وذلك خلال قداس احتفالي تراسه في الكنيسة الجديدة. حضر قداس التدشين النائب فادي كرم، رئيس بلدية شكا فرج الله الكفوري واعضاء من الجلس البلدي، مخاتير بلدتي انفه وشكا، فيصل غلام ممثلا شركة الترابة الوطنية في شكا، الى ممثلين عن الفاعليات السياسية والحزبية في البلدة والجوار، اعضاء المجلس البلدي في انفه، وحشد من المؤمنين.
عاون المطران بو جوده في القداس خادم الرعية الخوري نعمة الله عبود، والخوري تشارلي عبدالله، الى مشاركة واسعة من الكهنة والرهبان والراهبات.
في بداية القداس قرأ المونسنيور انطوان مخايل مرسوم انشاء رعية مار شربل في بلدة انفه الكورانية، موقعا من رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده. وبعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها :"  يطيب لي أن أفتتح معكم اليوم هذه الكنيسة الصغيرة، وإنشاء رعيّة جديدة على إسم القديس شربل مخلوف، يومين قبل إحتفالنا بذكرى مولده في السماء وإحتفالنا بعيد مولد السيّد المسيح على الأرض. فمن جميل الصدف أن يترافق هذا الحدث الكنسي مع هاتين المناسبتين الروحيّتين، وقد شاء أبناؤنا الموارنة في هذه البلدة العزيزة أن يختاروا القديس شربل شفيعاً لكنيستهم التي نتمنّى أن تكون وقتيّة، على أمل المباشرة ببناء كنيسة أكبر على أرض ثابتة وليس فقط على سطح أحد البيوت. وبإمكاننا إعتبار هذا البناء الصغير كألصومعة كالتي عاش فيها القديس شربل في عنايا، بالرغم من عدم وجودها على جبل ولا في أرض بريّة، بل داخل البلدة وبين البيوت".
وقال بو جوده في عظته:" القديس شربل عاش في صومعة بالقرب من دير مار مارون في عنايا فحوّل هذه الصومعة إلى محج يتوافد إليه المؤمنون بأعداد كبيرة ليتأمّلوا في حياته ويطلبوا شفاعته في الصعوبات التي تمرّون فيها. القديس شربل جسّد في حياته التطويبات التي تتناقض جذرياً مع المنطق البشري. فهو قد إنقطع كليّاً عن العالم ليكون في ما هو لأمر الله، كما قال المسيح عندما بقي في الهيكل بعد زيارته التقليديّة له مع والديه. المنطق البشري يبحث عن السعادة مثلاً في الفن والجاه والملذّات أمّا المسيح فيقول طوبى للفقراء والمساكين لأنّ لهم ملكوت السماوات. المنطق البشري يدعو الإنسان للسعي إلى المراكز المرموقة وإلى فرض النفس على الآخرين كي يصل إلى مبتغاه مستعملاً كل الوسائل المتاحة لذلك حتى القوّة والعنف، أمّا المسيح فيقول طوبى للودعاء والبسطاء فإنّهم يرثون الأرض".
وتابع المطران بو جوده :" المنطق البشري يحثّ الإنسان على التصرّف بمكيافيليّة أي بإستعمال الوسائل المبنيّة على الكذب والرياء والخبث إذ أنّ المهم بالنسبة له هو الوصول إلى مبتغاه، بينما المسيح يقول طوبى لأطهار القلوب فإنّهم يشاهدون الله. المنطق البشري يشجّع على القتل والحرب وإستعمال السلاح بمختلف أنواعه التي يطوّرها الإنسان كل يوم، كما هو حاصل في مجتمعنا المعاصر وفي العديد من البلدان، وكما  حصل في بلادنا طوال سنوات، بينما المسيح يقول: طوبى للساعين إلى السلام فإنّهم أبناء الله يدعون. المنطق البشري يشجّع الإنسان غالباً على إستعمال لسانه إلى لعن الناس وشتمهم كما يحذّر من ذلك القديس يعقوب في رسالته فيحوّل هذا اللسان إلى نار حارقة وإلى عضو ينجّس الجسم كلّه ويحرق الخليقة بأسرها، فيحترق هو بنار جهنّم، فيتحوّل إلى بليّة لا قرار لها، ملؤه سم زعاف، بينما يقول لنا المسيح: طوبى لكم إذا شتموكم وإضطهدوكم وافتروا عليكم كلّ كذب من أجلي، إفرحوا وإبتهجوا إنّ أجركم في السماوات عظيم (متى5/3-11)".
وتابع بو جوده :"إنّ منطق العالم هو ما نعيشه اليوم في مجتمعنا البشري لسوء الحظ، ليس هنا في لبنان فقط بل في مختلف بلدان العالم، إنّه منطق يبعدنا عن الله ويطرد الله من حياتنا ويعيدنا إلى ما إستسلم له أبوانا الأولان آدم وحواء عندما أغراهما الشيطان بأنّهما إذا خالفا أمر الله صارا كآلهة ولم يعد لله سلطان عليهما. أما هكذا تتصرّف بشريتنا اليوم عندما تستبيح كل المحرّمات وتشرّع كل ما يتناقض ليس فقط مع تعاليم الدين والمبادئ الأخلاقيّة، بل حتى الأمور الإنسانيّة والطبيعيّة. فهل من الطبيعي مثلاً أن يتزوّج الرجل من رجل والمرأة من إمرأة ويتبنيان الأولاد، بينما خلقهما الله ذكراً وأنثى وقال يترك الرجل أباه وأُمّه ويلزم إمرأته فيصيران كلاهما جسداً واحداً، وما جمعه الله لا يفرّقه إنسان؟ هل من الطبيعي أن يتصرّف الإنسان على هواه بحياة أخيه الإنسان فيشرّع الإجهاض وقتل الأجنّة في الأحشاء فيتعدّى على حقّها في الحياة ويعاملها بعد تخصيبها في المختبرات كأنّها مجرّد نسيج من الأعضاء، ويلقيها في سلّة المهملات"؟
اضاف بو جوده :"هل من الطبيعي أن يحقن الإنسان المسن والمريض الذي خدم المجتمع طوال سنوات ولم يعد منتجاً بعد أن تقدّم في السن، بحقنة من السم ليموت، ونسمّي ذلك الموت الرحيم؟ القديس شربل تفرّغ لما هو لأمر الله، فأمضى حياته بالعمل في الحقل وبالصلاة من أجل إخوته البشر كي يعودوا بتصرفاتهم إلى الله ويعطوه الأولويّة في إهتماماتهم ومن أجل ذلك عاش روح التطويبات التي أوصلته إلى القداسة فتحوّل بذلك إلى شفيع لإخوته البشر تحصل بواسطته شفاءات عديدة من الأمراض الجسديّة والروحيّة، فيرتدّ الكثيرون إلى الله ويعودوا فيكتشفوا عمق محبّته للإنسان. الكثيرون ممّن يسعون في حياتهم إلى الفعاليّة الماديّة فقط غالباً ما يتساءلون عمّا يفيد المجتمع من حياة النسّاك الذين يتفرّغون للصلاة في الصوامع والبراري، بينما المجتمع بحاجة إليهم لكي يطوّروه ويرقّوه، فيأتيهم الجواب من مثل حياة القديس شربل وغيره من القديسين والنسّاك على مر الأجيال وإليهم نقول: من كان يعرف قرية صغرة في جرد بلاد جبيل إسمها "عنّايا" لولا القديس شربل مخلوف ومن يعرف من كان كبار العالم وأغنياؤه آنذاك. ومن كان يعرف قرية أخرى صغرة في بلاد البترون إسمها "جربتا" لولا راهبة متألّمة عمياء مفكّكة الأعضاء والعظام إسمها رفقا.
وختم بو جوده :" البشريّة كلّها كانت ترزح تحت ثقل الخطيئة بعد أن إبتعدت عن الله ورفضته، فجاءها الخلاص بواسطة طفل صغير مولود في مغارة وهو إنسان إله قال عنه بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيليبي"مع أنّه في صورة الله فإنّه لم يعدّ مساواته لله غنيمة، بل تجرّد من ذاته متّخذاً صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر بمظهر الإنسان، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب،  ولذلك رفعه الله ووهب له الإسم الذي يفوق جميع الأسماء" وبناءً على ذلك دعانا بولس الرسول إلى التخلّق بخلق هذا المسيح الذي نحتفل بولادته بعد يومين، وكل سنة بالفرح والإبتهاج الروحيّين. القديس شربل تخلّق بخلق المسيح، ولذلك جعل الله منه آية وعلامة تظهر من خلاله محبّته للبشر من خلال ما يجري بشفاعته من عجائب وآيات الروحيّة، وإنّنا جميعاً مدعوّون للإقتداء به فنعرف أن نعطي للرب المركز الأوّل في حياتنا فنتخلّى عن كبريائنا وتعجرفنا ونعيش بساطة التطويبات كي نستحقّ أن نعيش مع الرب بعد إنتقالنا من هذه الحياة الزائلة إلى الحياة الدائمة، فنسمع الرب يقول لنا: كنتَ أميناً على الأرض في القليل فسأُقيمك مع شربل على الكثير، أدخل فرح سيّدك".
من ثم بارك المطران بو جوده المذبح الجديد بالميرون المقدس، واعلن عن هدية قدمتها الرهبنة اللبنانية المارونية بشخص ممثلها الاب شربل عيد وهي عبارة عن " تخيرة " مقدسة للقديس اللبناني شربل ستوضع في الكنيسة للتبرك منها.
وفي ختام القداس القى خادم الرعية الخوري نعمة الله عبود كلمة شكر فيها كل الذين ساهموا من اجل اتمام انشاء هذه الكنيسة. كما القى الخوري تشارلي عبدالله كلمة تضمنت شكر الرعية لكل من تعب وعمل على انجاح احتفال التدشين. واقيم حفل كوكتيل في المناسبة. 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق