أوراق رمضانية: حب و حشيش و شيشة في شهر رمضان/ علي مسعاد


لشهر رمضان الفضيل ، نكهته الخاصة كما له خصوصياته ، التي تختلف من منطقة لأخرى ، و لعل أكثر المشاهد ، إثارة للانتباه ، في هذا الشهر الفضيل ، وتكاد تشترك فيها كل المناطق ، هو ارتفاع عدد المصلين ، بشكل كبير ، لدرجة تضيق المساجد بهم ، فلا يجدون غير الساحات المحيطة بالمسجد ، لاستيعاب أعدادهم الغفيرة .
كما تظهر للوجود ، سلوكيات وأخلاقيات و تصرفات ، تختفي باختفاء ، شهر رمضان ك" الصدقة " و "موائد الرحمان "، التي إنتشرت كالنار في الهشيم ، ظاهرها " الرحمة " وباطنها " حملة " انتخابية سابقة لأوانها .
كما يرتفع ، في المقابل ، عدد الباعة الجائلين و " الفراشة " و يحتلون الشوارع و الأحياء و الدروب ، بحجة و بغيرها ، كما يزداد عدد اللصوص و النشالين و مقتنصي الفرص من أصحاب " السماوي " و التنويم المغناطيسي ، الذي خلف العديد من الضحايا " الطامعين " في المفتاح السحري ، لحل مشاكلهم المادية والاجتماعية ، دون جهد أو تعب .
وغيرها من الظواهر الاجتماعية ، التي تلتصق ظلما وعدوانا ، بهذا الشهر الفضيل ، هو منها براء ، كالنوم نهارا و السهر ليلا ، الخصومات والشجارات لأتفه الأسباب ، التنصل من الوظائف و غيرها من الأمور ، التي يجد لها أصحابها مبررا بحلول شهر الصيام ، لدرجة يصعب الربط بين " الصيام " و هذه السلوكات السلبية ، التي لا علاقة لها بشهر القرآن والغفران و التوبة عن كل الذنوب .
لأن البهرجة ، التي ترافق صلاة التراويح ، لدى الكثير من المصلين ، لا يوازيها سلوكات أخلاقية و روحية ، تميز المتدين عن غيره ، كحسن المعاملة و التصرفات الحميدة و الكلمة الطيبة ، لأنه في الوقت الذي يزداد فيه عدد المصلين ، لا ترتفع فيه الأخلاق قيد أنملة و إلا كيف نفسر غياب كلمات مثل :"شكرا "، " اسمح لي من فضلك " ، " معذرة " ، " تفضل " ، في العديد من الفضاءات المغلقة و المفتوحة ، في الوقت الذي نجد فيه أن الدين هو المعاملة أولا وأخيرا .
وما معنى ، أن يصوم ، الفرد منا ، ولا يتردد في الكذب و الغش و النصب و الإحتيال والسرقة ؟ا
ما معنى ، أن يصلي الإنسان ، و يقترف كل الذنوب و المعاصي خلال هذا الشهر ، النوم ليلا و السهر بمقاهي الشيشة و المخدرات ، حتى حدود الفجر ؟ا
ما معنى إرتفاع تناول المخدرات و لعب القمار و ممارسة الدعارة في هذا الشهر دون بقية الشهور الأخرى ؟ا
و غيرها ، من المفارقات و المتناقضات ، التي تميز سلوكيات شابات و شباب اليوم ، مما يطرح أكثر من علامة استفهام منها ، ما ذكر و ما خفي كان أعظم .
فهذا الشهر الكريم ، الذي من المفروض فيه ، أن يكون فرصة لتجديد علاقتنا مع الخالق ومع الناس و التوبة عن كل الذنوب والخطايا ، أصبح سببا في إرتفاع العديد من الموبقات و الذنوب و لعل العناوين التي تتصدر ، الصفحات الأولى ، لجرائدنا الوطنية ، لخير دليل ، على ما يحدث في هذا الشهر ، شهر التسامح والمغفرة و القرآن ، الذي هجره جيل اليوم ، فتاه عن جادة الصواب و أصبح لا هو من هؤلاء و لا من هؤلاء ، لا من هؤلاء الذين يقلدهم في القشور و السطحيات دون الجوهر و لا هو من هؤلاء الصحابة ، الذين كانوا " قرآنا يمشي " ، فغيروا العالم و حق فيهم القول ، بأنهم " خير أمه أخرجت للناس " ، فيهم الشهم ، صاحب النخوة و الرجولة بمعناها الحقيقي .
فأين ،نحن من هؤلاء ؟ا أم هم الحقيقة ونحن الظل ؟ا .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق