حامل الوطن!/ عـادل عطيـة

يأتي شهر رمضان، كل عام، حاملاً للمشاهدين برامج طازجة.
منها ما يجعلك تسرع إلى التلفاز وتغلقه؛ لتشعر بجماله.. ومنها ما يخطف بصرك، وعقلك، ومشاعرك، كالبرنامج، الذي أستطيع أن أقول فيه: "لا يكسب التلفاز جماله إلا عند مشاهدة: "بني آدم شو"!
بطله فنان قادم من "سر الأرض"، طالما تحدث فيه بحلم الأرض الحبلى بنبات لم يولد بعد.
كلماته دائماً ليست كمفردات غيره ممن اعجبنا بهم بالغلط ؛ لاننا خلطنا بينهم وبين كلماتهم، فإذا كلماتهم ليست هم. بينما كلماته هو كفنان، مجرد ذريعة، مناسبة، للتحدث عن بُعد جديد ذات قيم أكثر اصالة من التسابق وراء برامج ترفيهية مادية بحتة.
وككومديان، فانه لم يحترف الضحك على الناس.. وان مارس الضحك معهم؛ فلأنه يحلم لهم بالضحك المجيد مع المستقبل المشرق، فهو كمثقف، يعي تماماً تعريف الفيلسوف العظيم "لوك" بأن الضحك "مجد مفاجيء".
أنه الفنان أحمد آدم.. الذي تربى بروح: "ان مصر ليس وطن نعيش فيه بل وطن يعيش فينا"، وتَعلّم من الأرض الطيبة ألا يفرط في زمن البذر.
في رمضان، في زمن البذر، رأى الفنان الملهم أحمد آدم: "الدودة حاضرة في الثمرة"، ولأن حبه المتفجر عنده لمصر لا يفرغ، فقد أختار بذكاء فائق "الجمهورية التركية"، كونها دولة اوروبية تحمل الكثير من ثقافتنا الشرقية والدينية، نموذج يعرضه على بني وطنه، ليقول لهم: هيا نتعهد بقلب متفرغ، أن نتجاوز تجاوزاتنا، وأن نحرث بوهج الحب السخي، ارضنا من جديد، ونبذر فيها البذور الصالحة في كل مناحي حياتنا.
ان برنامج: "بني آدم شو" عن تركيا.. مرجعية، ومثالية، ملهمة لامتنا، في كيف تنطلق من تاريخها، وايمانها، على وهج تجارب الآخرين. وهو إذا يقدم لنا بني آدم، بما يحمله التعبير من إنسانية وصوفية وطنية، يُظهر لانفسنا في الوقت ذاته: ان اختفاء القدرة على حب الوطن يرافقه عامة اختفاء كل شعور ديني حقيقي، وكل حضارة، وكل جمال.
• بالتزامن مع جريدة "القاهرة" الاسبوعية.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق