شجرة‏ ‏مريم‏.. ‏مزار‏ ‏ومحكي‏ ‏وتماثيل‏ ‏ورسوم تحت‏ ‏الجميزة‏ ‏المبروكة


في‏ ‏أثناء‏ ‏رحلة‏ ‏العائلة‏ ‏المقدسة‏ ‏بمصر‏ ‏استظلت‏ ‏السيدة‏ ‏العذراء‏ ‏وابنها‏ ‏نبي‏ ‏الله‏ ‏عيسي‏ ‏عليه‏ ‏السلام‏ ‏أسفل‏ ‏شجرة‏ ‏جميزة‏, ‏و ‏لاتزال‏ ‏شامخة‏ ‏في‏ ‏مكانها‏ ‏بمنطقة‏ ‏المطرية‏ ‏رغم‏ ‏الشيخوخة‏ ‏التي‏ ‏أوهنت‏ ‏أغصانها‏ ‏وأضعفت‏ ‏جذوعها‏ ..

كتب : محمد شعبان

حتي البئر التي شربت منها العائلة المقدسة قد طفحت بها بعض مياه الصرف الصحي .. ولكن رغم هذه المشكلات فإن الشجرة تتمتع بمكانة جمالية وأثرية وسياحية عظيمة حيث يزورها مسيحيون ومسلمون علي السواء من كل أنحاء العالم , ويعتبرها بعض المؤرخين من الأماكن الدينية القليلة الموثقة والتي لاتقبل الشك في حقيقتها بخلاف كل الأماكن المتعلقة بتراث الأنبياء .. ولهذه الاسباب تخضع الشجرة لإشراف المجلس الأعلي للآثار وتعد مزارا سياحيا الدخول إليه بتذكرة فئة 2 جنيه .. كما لا تزال ترتبط في أذهان البسطاء باعتقادات خاصة , التفاصيل في السطور التالية ..
يقع المزار العجيب في منطقة تحمل اسم شجرة مريم وهي لم تعد مجرد شجرة فقط وإنما تحول المكان الي متحف يحكي بالصور والرسوم والتماثيل والتفاصيل رحلة العائلة المقدسة في مصر , ففي المزار محكي تخيلي يضم لوحة ضخمة في غاية الروعة رسمها فنان كوري من أجل أن تسجل فقط مشهد جلوس السيدة مريم أسفل الشجرة وعلي حجرها نبي الله عيسي عليه السلام وبجوارها يقف يوسف النجار وتبدو المنطقة المحيطة في الرسم جنة خضراء تلتف حولها الأشجار والآبار والسواقي والمسلات الفرعونية والمناظر الطبيعية , وبجوار المحكي متحف صغير يضم إناء مياه من الحجر وخريطة ترصد رحلة العائلة المقدسة وبعض صور الأديرة والأضرحة .. وعلي جدران المزار رسوم ومنحوتات رائعة وكتابات باللغة القبطية القديمة أو اليونانية منها عبارة تقول من مصر دعوت ابني .
أما الجميزة فتقف كالسيدة العجوز المتكئة علي عصاتها العوجاء , حيث قام المجلس الأعلي للآثار بوضع حوامل خشبية لرفع جذوع الشجرة الجافة من علي الأرض لحمايتها من السوس ومن أجل أن تظل واقفة في مكانها بعد أن أصابها الضعف والهزال والجفاف .
تقول مديحة القرموطي مفتشة آثار مزار شجرة مريم : هذا المكان يتمتع بأهمية سياحية كبيرة ويفد إليه السائحون من كل مكان في العالم لرؤية الشجرة التي استراحت تحت ظلها السيدة العذراء , وبقيت هذه الشجرة في مكانها طوال ألفي عام نظرا لتقديس المصريين للسيدة العذراء فحافظوا علي الشجرة طوال هذه القرون وقد تم تحويلها الي مزار عالمي برعاية البابا شنودة , وهذا المكان يزوره مسلمون ومسيحيون علي السواء مثله مثل أبي الهول والأهرامات , والشجرة الأصلية ماتت منذ حوالي 400 سنة , ولكن بقيت فروعها وجذوعها في المكان كما يبدو للزائرين .
أما هذا الفرع الحي فقد نبت من الجذور الأصلية , والشجرة من نوع الجميز وثمارها طعمها حلو جدا عندما تنضج ولكن لا يمكن أن يقترب منها أحد فهي شجرة مباركة ولذلك لانقوم بتقليمها أو تهذيب فروعها أو جمع ثمارها فهذا ممنوع علي الإطلاق . كما أن الجذوع عليها كتابات دقيقة ونادرة جدا باللغة الفرنسية وبعد أن قمنا بتحليلها وجدنا أنها تعود لجنود الحملة الفرنسية واتضح أنهم جلسوا أسفلها بعد خوضهم معركة عين شمس الشهيرة ضد الجنود الأتراك وكانوا يعتقدون في بركة الشجرة وقيل إن بعضهم شفي بعد أن أكل من ثمارها واستخدم اللحاء الأبيض كمرطب للجروح والآلام كما شربوا من نبع البئر ومن هنا كتبوا مذكراتهم وأسماءهم علي السيقان باستخدام السيوف والآلات الحادة وظلت هذه الكتابات الي الآن , أيضا كان يوجد أسفل الشجرة نبات عطري يسمي البلسان أو البلسم وكان ذا رائحة جميلة للغاية ومما يرويه بعض المؤرخين أن السيدة العذراء قامت بغسل ملابس طفلها وألقت بالمياه علي الأرض حيث نبت البلسم علي هذه المياه المباركة وكان يستخرج منه مادة يتم خلطها ببعض العطور لصناعة ما يسمي بمسحة الميرون التي كانت تعالج الكثير من الأمراض في العصور القديمة واستخدمت في تعميد الأطفال في الكنيسة وفي مسح أبدان الكهنة والملوك ولكن للأسف هذا النبات انقرض تماما رغم قيمتها العظيمة وبفضل هذه الشجرة تحظي المطرية بأهمية خاصة حيث تضم كنيسة أثرية قديمة يحضر إليها مصريون وأجانب للتيمن بالعذراء كما يوجد بالمطرية أيضا مسلة فرعونية وعدد كبير من المقابر الفرعونية الفقيرة حيث لوحظ أن المكان كان يسكنه الفراعنة البسطاء ومن هنا كانت مقابرهم بسيطة .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق