كنيسة الله/ محفوض جروج

تلوَّث الهواء بلهاث عوادم السيارات ، افترس هدوء الشوارع ضجيج الناس المتوجهين إلى الكنيسة بخطوات متئدة يعلو وجوههم الوقار وشعاع من الفرح ليس من هذه الأرض ، ينعكس عليهم .
هاهم يحنون الرؤوس والجباه أمام عظمة الخالق ، المحتجب في قدس الأقداس . القلوب تخفق .. الشفاه تتحرك .. العيون تنظر لباطن الوجود ، الأحاسيس ترتفع مع غمائم البخور المتصاعد ، وقد امتزج بأصوات جوقة الترتيل التي تعصف تراتيلها في الحضور ، وتذوب في النفوس ، تبث فيها الأمل والرجاء وسط غيوم هذا العالم الثقيلة الدكناء ، تتألق الوجوه بشراً ويفرح الأحياء بالحياة ، فتهطل الدموع من مقل العيون ، وتلمع قطراتها في الجفون ، فتنسكب في القلوب الحرَّى برداً وسلاما ً .....
الهواء يرتجف لهدير أصوات المرتلين الشجية كأصوات الملائكة وهي تشدو ((
يا رب ارحم .. يا رب ارحم )).
فإذا خشوع ، وسكون عميق .... وكاهن المسيح الواقف بين يدي العظمة الإلهية ، يلتفت إلى المؤمنين يستنزل عليهم السلام والنعم ، فتعتري نفوس المؤمنين هزة سماوية ،وكأن روح الرب القدوس ترفُّ عليهم ، وتعلو كلمات يسوع ناعمة (( إن روح الرب عليَّ ، أتيت لأبشر المساكين ، لأشفي منكسري القلوب ، لأقود المهمشين إلى الخلاص ،لأملأ عيون العميان بصراً ، أنا معكم إلى انقضاء الدهر ، وهذه كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها)) . فتغمر الوجوه القلقة البهجة ، وتمتلئ القلوب المصدوعة بالرجاء ، وتنفض عنها ما علق فيها من أكدار .
في الكنيسة وحدها فهمت معنى الأمل المتنامي مع موجات البخور المرتفعة بكثافة ، وفهمت معنى الفرح الصادق وكيف يتفجر من أنات القلوب الموجوعة الحزينة .لأن لمسة أنامل يسوع تحول الدموع المتقطرة على الخدود إلى درر، وشعاع نظرته يخترق الظلام الحالك الجاثم على الصدور فيبدده ويبدله فرحاً وسروراً .
ما أجملك يا كنيسة الله! ، بأنوارك المتلألئة ، بعبق بخورك المتضوع فوق جمرات الأحزان ، بضوء شموعك المتموج مع رفرفة أجنحة التراتيل السماوية ، التي تشعرك بخطوات يسوع بين الجموع.
- محردة

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق