لقاء مع المطران سهيل دواني

بعد مشاركته في المنتدى الامريكي الاسلامي بواشنطن
المطران دواني :اطلعت مسؤولين في الخارجية الامريكية على اوضاع مدينة القدس
الكنيسة الاسقفية تدير 32 مؤسسة منها المشفى الاهلي بغزة والانجيلي في نابلس
القدس – زكي ابو الحلاوة
اكد المطران سهيل دواني مطران الكنيسة الاسقفية في القدس والشرق الاوسط ان مدينة القدس هي لجميع المؤمنين ويجب ان تكون مفتوحة دون حواجز او معيقات .
ووصف المطران دواني في حديث خاص ب "القدس" المبررات الاسرائيلية بعدم منحه الاقامة في القدس بانها باطلة وعارية عن الصحة وانه ينتظر جلسة المحكمة المركزية في الثامن عشر من الشهر القادم للنظر في قضيته.
وأعتبر مدينة نابلس بانها نموذجا مثاليا للعيش المشترك الاسلامي المسيحي فيما عبر عن قلقه من هجرة المسيحيين من الاراضي المقدسة معربا عن الامل في تضافر الجهود من اجل وقفها.
وفيما يلي نص اللقاء:
س: كيف تقيم زيارتك الاخيرة الى الولايات المتحدة الامريكية؟
شاركت في المنتدى الامريكي الاسلامي بواشنطن ، وتمحور اللقاء حول العلاقات الاسلامية المسيحية ودور الاديان في تعزيز الامن والسلام في العالم ، بالتنسيق مع كنيستنا الاسقفية في واشنطن ، التقيت بمسؤولين كبار في وزارة الخارجية الامريكية وقمت باطلاعهم على الاوضاع في مدينة القدس بشكل عام ، وقد شدد هؤلاء على ان مدينة القدس للاديان الثلاثة ، كما نراها نحن ، وليست حكرا لفئة او ديانة واحدة ، فالقدس مدينة جميع المؤمنين ويجب ان تكون مفتوحة ودون حواجز او معيقات . والحرية الدينية تضمن الحق لكل مؤمن الدخول اليها وأداء شعائره.
س: هل طرأ جديد بموضوع سحب السلطات الاسرائيلية لاقامتكم في القدس؟
لم يطرأ أي جديد ، إذ تعود القضية الى شهر آب 2010 حيث منحتني السلطات الاسرائيلية اقامة من نوع A5 لي ولزوجتي ولابنتي الصغيرة فقط ، حيث كنت اقوم بتجديد الاقامة كل عام ، وعند توجهي لتجديد الاقامة للعام 2010 فوجئت بكتاب من وزارة الخارجية يتهمني بنقل ملكية أراض يهودية للسلطة الفلسطينية وللكنيسة الانجليكانية بوثائق مزورة ، هذا اتهام باطل وعار عن الصحة وقد طالبت مرارا وتكرارا بكشف الادلة واثبات هذه المزاعم ، إلا ان طلبي هذا لم يلق اي تجاوب من قبل السلطات الاسرائيلية.
علما ان رئيس أساقفة العالم الانجليكاني، والذي يبلغ عدد اتباعها كنائسها 90 مليون انجليكاني ومنتشرون في كافة بقاع الارض ، كان قد ارسل كتابا الى مسؤولين اسرائليين بهذا الشأن وكذلك فعل وزير الخارجية البريطاني اثناء لقائه برئيس الوزراء الاسرائلي ، كما تدخل لديهم قناصل دول امريكا وبريطانيا وأساقفة آخرون من ارجاء العالم، عندئذ قررت الداخلية الاسرائلية منحي اقامة من نوع A 3 ، وهي تمنح للاجانب حاملي جوازات السفر الاجنبية ، الا انني اعتبرت ذلك اهانة لي وللكنيسة خاصة انني ابن هذه البلاد ، بلد ابائي واجدادي.
عندها، وبعد مشاورات قررت التوجه الى القضاء الاسرائيلي مطالبا بكشف الحقيقة وارجاع هويات الاقامة في القدس وحددت جلسة في المحكمة المركزية بالقدس بتاريخ 18-5 للنظر في القضية وآمل خيرا.
س: هل لك أن تعطينا نبذة عن الكنيسة الاسقفية في القدس والشرق الاوسط ، وبدءا بانتخاب أساقفة عرب وطنيين منذ عام 1976؟
بدأ الحضور الانجليكاني في القدس بدء في العام 1841 بوصول اول اسقف انجليكاني الى مدينة القدس وتم انشاء الكنائس الانجليكانية بالتنسيق مع الكنائس الشرقية ، خاصة عندما تم بناء كتدرائية القديس جورج في العام 1898 ، وبالتنسيق مع بطريرك القدس الارثوذكسي ، خارج اسوار القدس للمحافظة على العلاقات المسكونية مع الكنائس الشرقية الشقيقة .
ومن الجدير ذكره انه في العام 1905 انشأ أول مجمع وطني عربي في البلاد بوجود مرسومين عرب ، , وفي العام 1976 تم انشاء "السنودوس المركزي للكنيسة الاسقفية في القدس والشرق الاوسط " ويضم مطرانيات مصر وايران وقبرص والخليج ، وانتخب اول مطران عربي انجليكاني هو المرحوم فايق حداد ضمن احتفال كبير جرى في القدس . ومنذ ذلك الوقت يجري انتخاب مطارنة عرب.
كان والدي المرحوم سلمان دواني أحد أركان الكنيسة العلمانيين ، وكان غيورا جدا على مصلحة الكنيسة ، ونشأت منذ نعومة أظافري في جو كنسي وإيماني ، وبانتخابي أصبحت المطران العربي الانجليكاني الرابع والمطران الرابع عشر منذ 1841.
جرى انتخابي في العام 2005 وتكرست في العام 2006 وتسلمت رئاسة الاسقفية في العام 2007 .
س: أين توجد الكنيسة الاسقفية في القدس والشرق الاوسط وما هي المؤسسات التابعة لها ومجالات خدماتهاا؟
توجد الكنيسة في خمس دول ، فلسطين واسرائيل ولبنان والاردن وسوريا ، تدير الكنيسة 32 مؤسسة خيرية ومنها المستشفيات والمدارس والعيادات ودور تأهيل.
المستشفى الاهلي بغزة يقدم خدمات جليلة للأهل هناك ، والمستشفى الانجيلي العربي في نابلس مشهود له على مدار مائة وعشر أعوام من الخدمة المخلصة والمهنية العالية ، والعيادة في مدينة الزبابدة تقدم خدمات لقرى عديدة في المنطقة، ونأمل بالقريب افتتاح عيادة جديدة في رام الله لمساعدة مرضى السكري والقلب مع توفير أفضل التجهيزات والاطباء المتخصصين .
مدارسنا مشهود لها بالمستوى الاكاديمي والثقافي المتميز في جميع مناطق تواجدها ، وقد خطت مدرسة المطران في القدس خطوات تطوير وتحديث كبيرة وكثيرة خلال الاربع سنين الماضية في مجالات تدريب المعلمين ، والبنى التحتية من مكتبات ومختبرات ومرافق اخرى بالاضافة الى تطوير العلاقة مع المجتمع المحلي ، وكل ذلك تم بقيادة مدير المدرسة الاستاذ عيد صادر ، كما أن هناك مؤسسة الاميرة بسمة على جبل الزيتون بالقدس وهي تقدم خدمات جليلة لابنائنا ولا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة ، وسياسة الدمج السائدة في هذه المدرسة كما هو الحال في مدارسنا في عمان واربد والزرقاء والسلط في الاردن.
نرفع ونعزز شعار العائلة الواحدة ، مسلمين ومسيحيين ، التي تعتمد احترام الانسان وكرامته وخصوصيته في جميع مؤسساتنا ونقدم الخدمة للجميع دون تمييز.
س: كيف تقيمون العلاقات والتعايش بين المسيحيين والمسلمين في فلسطين خاصة والشرق العربي بشكل عام ؟
انا من مواليد مدينة نابلس عام 1951 ، ترعرعت وتلقيت تعليمي الابتدائي والثانوي فيها ، وأعتبر نابلس نموذجا مثاليا للعيش المشترك الاسلامي المسيحي ، فنحن نتبادل الزيارات في الاعياد الاسلامية وفي شهر رمضان المبارك وكذلك في الاعياد المسيحية ولا سيما في عيد الميلاد المجيد، وحاليا نقيم الافطارات الرمضانية في مؤسساتنا لا سيما في القدس ونابلس ورام لله ، حيث يجتمع بها شخصيات اسلامية ومسيحية للتواصل والمشاركة وتعزيز العيش المشترك والاحترام المتبادل بين ابناء الشعب الواحد.
كما وأود الاشارة الى انفراد المطرانية وادارة مدرسة المطران في القدس بالمبادرة لاقامة أمسيات مقدسية احتفالية ، بمناسبة شهر رمضان المبارك ، للمجتمع المقدسي بجميع فئاته ومكوناته وشخصياته الدينية والعلمانية ، والتي لاقت مشاركة شعبية واسعة دلت وتدل على مستوى العلاقات الحميمة بين جميع مكونات المجتمع المقدسي.
س: الحضور المسيحي في الشرق الاوسط آخذ بالانحسار بسبب الهجرة ، ما هو تعليقكم على ذلك ؟
نعم ، عدد المسيحيين يتناقص بشكل كبير سنة بعد سنة في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام وفي القدس بشكل خاص ، فالاحصائيات تشير انه قبل العام 48 كان الحضور المسيحي في المنطقة يشكل نسبة 27% ، وفي بلادنا قطن حوالي 160 الف مسيحي منهم حوالي 35 الف مسيحي في القدس، وحتى العام 67 بقي الحضور المسيحي واضحا باعداد كبيرة, وفي اعقاب الاحتلال عام 67 وحتى يومنا هذا تقلص اعداد المسيحيين الى ان بلغت نسبتهم اقل من 1.5% من مجموع السكان، وعدد المسيحيين القاطنين في القدس حاليا لا يزيد عن بضع آلاف ، وهذا امر مؤلم ومحزن ، فالحجارة الحية مهددة لاستمرار بقائها على هذه الارض المقدسة ، مهد سيدنا المسيح وسائر الانبياء ، وقد ذكر القائد المقدسي المرحوم فيصل الحسيني هذا الامر ونبه الى خطورته ولاهمية الحضور المسيحي في المنطقة.
ان الحضور المسيحي ليس مهددا فقط في فلسطين وانما في الشرق الاوسط ، فالعراق تشهد هجرة كبيرة للمسيحيين وهذا يؤثر على العلاقات المتوازنة بين الاديان ، نأمل ان تتضافر كافة الجهود للتصدي لاسباب الهجرة الى الخارج ووقفها.
س: هل تحدثنا عن حياتكم الشخصية بدءا من طفولتك في مدينة نابلس حيث مسقط رأسك ، وحتى رسامتك اسقفا مرورا بمراحل دراستك وعملك قسيسا؟
ولدت في مدينة نابلس في العام 1951 وترعرت فيها ودرست في مدارسها الابتدائية والثانوية ، ورئيس بلدية نابلس الحالي السيد الحاج عدلي يعيش كان زميلي بالدراسة ،والشاعر الدكتور لطفي زغلول والدكتور المرحوم الشاعر عقل كانوا أساتذتي في نابلس.
لي أقرباء وعائلة ممتدة في نابلس وعمان ، وفي العام 73 التحقت بكلية بيززيت ونلت الشهادة الجامعية المتوسطة ثم انتقلت الى بيروت لدراسة اللاهوت ، والجدير بالذكر اني ومنذ صغري كنت اشعر بدعوة لخدمة الكنيسة ، وكنت ألبس اللباس الكهنوتي في كنيسة اللاتين في بلدتنا مع الاب سليمان سمندر وهو يعيش حاليا في بطركية اللاتين في القدس.
حصلت على شهادة البكالوريوس في اللاهوت وتخرجت وفي عام 1975 ، وفي عام 1976 بدأت خدمتي الراعوية في مدينة القدس وتمت رسامتي شماسا وبعدها ببضعة اشهر رسمت قسيسا ونقلت لخدمة حقلي رام الله وبير زيت ، ثم تزوجت من السيدة شفيقة فؤاد مسعد في العام 1978 وهي خريجة جامعة بير زيت للعام 1977.
سافرت للدراسة الى ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الامريكية وحصلت على شهادة الماجستير في اللاهوت ، وبعد ايام قليلة من عودتي انتقلت الى مدينة حيفا للخدمة هناك،
وبعد ست سنوات من الخدمة في حيفا نقلت للمرة الثانية الى رام الله وانتخبت امين سر المجمع الكنسي ثم انتقلت الى مدينة القدس في عام 1997 ولغاية 2004 إذ عدت مجددا وللمرة الثالثة لخدمة حقل رام الله وبير زيت.
خلال هذه الفترة منحت الثقة الكبيرة من رجال الكنيسة وانتخبت مطرانا مشاركا في عام 2005 في مدينة عمان ، وبحضور المندوبين من جميع مناطق المطرانية الخمس .
في العام 2005 حصلت على شهادة دكتوراة في اللاهوت من جامعة فيرجينيا بعد ان عملت وحضرت لها لمدة اربع سنوات قبل انتخابي اسقفا ، وبانتخابي عدت وللمرة الثانية لمدينة القدس.
لدي ثلاث بنات ، سما حاصلة على شهادة الماجستير من بريطانيا وتعمل استاذة في دائرة علم النفس في جامعة بير زيت ، تالة حاصلة على ماجستير متزوجة من ابراهيم فلتس المدير الاقليمي لمؤسسة انقاذ الطفل في الشرق الاوسط، وابنتي الثالثة لبان وهي طالبة سنة ثالثة في دائرة علم النفس في جامعة بير زيت.
والجدير بالذكر أن زوجتي شفيقة وقفت بجانبي دوما ، منذ رسمت قسيسا وحتى انتخابي مطرانا ، حيث انها المسؤولة عن العمل النسائي في كافة ارجاء المطرانية ، وهي مهتمة بالعمل المسكوني وتؤمن بحوار الثقافات والاديان.
س: كيف تقييم خدمتك الاسقفية خلال الاربع سنوات الماضية؟
مع انتخابي اسقفا لمطرانية القدس والشرق الاوسط ، وضعت رؤيا لخدمتي الاسقفية تشمل الجوانب الروحية والادارية والمسكونية، حيث تم تحديث مكاتب المجمع الكنسي في كل من القدس وعمان والناصرة وتعيين موظفين أكفاء ووضع نظام مالي حديث لجميع مؤسسات المطرانية.
قمنا باعادة بناء هيكلية المستشفى الانجيلي العربي في مدينة نابلس وتعيين الدكتور وليد قرة مديرا عاما واضافة وحدة جراحة الاعصاب وتحديث اجنحة المستشفى ، كما تم استعادة مدرسة المسيح بالناصرة الى ملكية ورعاية المطرانية واضافة بناية جديدة لصفوف المرحلة الابتدائية وتم صرف ثلاثة ملايين دولار لدعمها وترتيب اوضاعها .
كذلك قمنا باعادة بناء هيكلية مدرسة المطران في عمان ، بعد تراجع عدد طلابها والمستوى الاكاديمي الذي توفره ، ونجحنا في اعادتها الى وضعها الطبيعي بتوفير خدماتها على اعلى المستويات ، اكاديميا وثقافيا ، كما وتم تحديث وتطوير العديد من المؤسسات لنضمن استمرار توفير افضل خدمة لابناء مجتمعاتنا.
وعلى الصعيد الكنسي ، تم بناء كنيسة القديسة العذراء في اربد ، وبناء قاعة وصفوف جديدة للمدرسة الانجيلية في اربد ، تم اعادة ترميم كنيسة القديس بولس في القدس الغربية واعادة الحياة والخدمة لهذه الكنيسة التي اغلقت عام 1948 ، كما تم ترميم كنيسة القديس اندراوس برام الله وكنيسة المخلص بالزرقاء.
هذا وتم تنشيط العمل الروحي والاجتماعي في جميع مراكزنا الاسقفية المنتشرة في المناطق الخمس.
ومن الجدير ذكره ان المطرانية تعمل بجد لايجاد التمويل المستمر ، من املاكها ومن مصادر داعمة خارجية ، لتطوير الخدمات التي تقدمها مؤسساتها.
س: هل تود ان توجه كلمة بمناسبة اسبوع الآلام والقيامة وعيد الفصح المجيد؟
نحن نحتفل باسبوع الالام مع جميع الكنائس الشقيقة في القدس، وفي هذه المناسبة العظيمة ، نتذكر آلام سيدنا المسيح على الصليب ، كما نتذكر آلام الانسان ، ان مسيرة الآلام التي نحييها تعبر عن واقع الحياة التي نعيشها من اضطهاد الانسان وبغضه لاخيه الانسان ، وسلبه لحقه وكرامته.
لكن لعيد القيامة المجيدة ، مفهوم ورسالة عظيمتان ، فالامل يتجدد كل عام في مثل هذا الوقت بحياة جديدة ، لان الحق قام وانتصر على قوى الشر والفساد ولم يبق مدفونا.
في هذا العيد تتجدد امنيات الخير والمسرة ، وقيم الحق والعدل والسلام ، ضارعين للرب المقام أن ينعم على هذه المنطقة بالامن والسلام والعدل والحرية لجميع شعوبها ولا سيما لشعبنا الفلسطيني ، وكل عام والجميع بألف خير .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق