عيد الغطاس (الظهور الالهي)/ لطيف شاكر


نحتفل مع الكنيسة اليوم بليلة عيد الغطاس او عيد الظور الالهي, وقد فارقنا بعضا من ابنائنا الاحباء الي قلوبنا ,لا يمكن ان ننساهم ابدا فالحزن لايترك قلوبنا والدموع لاتفارق عيوننا , وان كانت الكنيسة والشعب القبطي تحتفل بهذه المناسبة انما تعتبر ابنائها هم سحابة شهود لنا في السماء يتشفعون فينا وهم يبتهجون مع الملائكة بهذه المناسبة المباركة يرتلون باناشيد الفرح وتسابيج اللقاء مع الرب, اما نحن فنقول مع المرنم عند كثرة همومي داخلي تعزياتك تلذذ نفسي :

الكنيسة والغطاس

لقب يوحنا "بالمعمدان " لأنه جاء "يكرز في برية إليهودية قائلاً :توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات " (مت 3: 1, 2) ، فكانت معموديته أساساً "معمودية للتوبة" (مت 3: 11، مرقس 1: 4، لو 3: 3، أع 13: 24، 19: 4) ، فكان من يعتمدون من يوحنا يعترفون بخطاياهم ويعبرون عن توبتهم لمغفرة الخطايا (مت 3: 6، مرقس 1: 5) .

وقد "جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه ، ولكنه يوحنا منعه قائلاً : أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلى ؟فأجابه يسوع وقال له :اسمح الآن ، لأنه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر . حينئذ سمح له . فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السموات قد إنفتحت ، فرأي روح الله نازلاً وآتياً عليه ، وصوت من السماء قائلاً : "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (مت 3: 13-17، مرقس 1: 9-11، لو 3: 21,22).

وعندما نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه قال : "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم .. وأنا لم أكن أعرفه ، لكن ليظهر لإسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء . وشهد يوحنا قائلاً : إني قد رأيت الروح نازلً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه . وأنا لم أكن أعرفه ، لكن الذي أرسلني بالماء ، ذاك (اله ) قال لي : "الذي تري الروح نازلاً ومستقرا عليه ، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس . وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله " (يو 1: 33- 34) .

ويجد بعض المسيحيين منذ العصور الأولي صعوبة في معمودية الرب يسوع من يوحنا المعمدان ، ولكنها كانت -على الأقل - تعبيراً من المسيح عن تكريسة الكامل لمشيئة الله ، وكذلك تعبيراً عن تنازله ليجعل من نفسه واحداً مع شعبه أمام الله . وحالما صعد يسوع من الماء ، ونزل روح الله في هيئة منظورة ، مثا حمامة ، واستقر عليه ، كما اعلن الآب من السماء قائلاً : "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (مت 3: 17) .

اما الكنيسة التقليدية فأخدت من هذه المناسبة عيدا رسميا بحسب ما جاء في اقوال اباء الكنيسة عن هذه المناسبة والتي سميت بعيد ( الأبيفانيا )

وتحتفل الكنائس التقليدية بعيدين يسميا عيد الظهور الألهي وهما عيد الغطاس وعيد عرس قانا الجليل، ولهم اسماء أخرى مثل عيد الغطاس أو عماد السيد المسيح وعيد عرس قانا الجليل .

لماذا يسميا سوياً أعياد الظهور الإلهي ؟

لأن فى كلا العيدين كان هناك استعلان لله المثلث الأقانيم الآب والابن والروح القدس

أ)فى الغطاس شهد الآب للابن وحل الروح القدس على شكل حمامة ( الثالوث مُعلن ) وفى عرس قانا الجليل أستعلن اللاهوت بتحويل الماء إلى خمر ( الله الخالق ) الذي بكلمة أو بإرادته تتحول المادة إلى مادة أخرى وكما أستعلن الله قديماً فى الجنة لآدم وحواء ,هكذا فى العهد الجديد أستعلن الله في عرس قانا الجليل .

ب) إستعلان المخلص الإبن الكلمة المتجسد وسط نهر الأردن كمخلص وسط الخطاه أو كطبيب وسط المرضى .

ج) وفى عرس قانا الجليل أجران التطهير تحولت إلى خمر ، والخمر هى مادة سر الافخارستيا تتحول إلى دم المسيح الذى يطهر من كل خطية .

كيف اصبح هذا العيد رسميا في الكنيسة التقليدية؟

الكنيسة وقوانينها (او ما يسمى بالأمر الرسولى ) لقد أمر الرسل بهذا الإحتفال قائلين " فليكن عندكم عيد الظهور الإلهى جليلاً لأن فيه ظهر لاهوته ( لاهوت الرب يسوع ) فى الأردن على يد يوحنا المعمدان" وعملوه فى اليوم السادس من الشهر العاشر للعبرانية الموافق الحادى عشر من الشهر الخامس للمصريين ( شهر طوبه )

أقوال أباء الكنيسة بهذه المناسبة:

يوحنا ذهبى الفم " إن عيد الظهور الإلهى هو من الأعياد الأولية عندنا "

القديس أغريغوريوس والقديس أبيفانيوس يقولون أن هذا العيد هو قيم للبشر اجمع وبه نرى لاهوت المسيح جليا.

لماذا يُحتفل به ليلاً ؟

فى الثلاث قرون الأولى كان يحتفل به مع الميلاد ، لكن بعد اكتشاف المواعيد فصلوا العيدين للأحتفال بكل منهما على حده، واكتشف الموعد من خلال الأوراق التى أحضرها تيطس القائد الرومانى الذى هدم أورشليم سنة 70 ميلادية. فاستمروا يحتفلون به ليلاً كما كان مع عيد الميلاد .

لماذا أعتمد الرب فى نهر الأردن بالذات ؟

هناك ( يش 20 : 7 – 17 ) قصة العبور لأرض الموعد فى عبور بنى اسرائيل بقيادة يشوع فى نهر الأردن لما وضعوا تابوت العهد فى الماء انشق النهر فعبروا فيه وانتخبوا 12 رجل من أسباط اسرائيل رجل من كل سبط واخذوا حجارة ومروا عليها حتى عبروا نهر الأردن . قصة العبور كانت هذه القصة رمزا لعبورنا من خلال الرب المتجسد للسماء أرض الموعد الحقيقية لذلك انفتحت السماء حين نزل الرب فى الماء كما انفتح النهر بحلول تابوت العهد فيه توافق فى الرمز ويشوع كان رمزاً ليسوع والمعنى المباشر لكلا الأثنين هو مخلص ، يشوع يعنى مخلص ويسوع يعنى مخلص.

من هنا أخذت المعمودية أهمية خاصة لأنها عبور إلى أرض الموعد .

وعيد الغطاس المجيد هو أحد الاعياد السيدية الكبرى فى الكنيسة القبطية الارثوذكسية .. وتحتفل به الكنيسة يوم 11 طوبه الذى يتوافق مع يوم 19 من يناير.ولقد ذكرت البشائر الاربعة عن معمودية السيد المسيح من يد القديس يوحنا المعمدان وفى قصة عماد السيد المسيح نرى كيف أن المسيح جاء الى يوحنا كواحد من الشعب ليعتمد منه ، وكيف إنفتحت السموات عند صعوده من ماء نهر الاردن، ونزل الروح القدس على السيد المسيح بهيئة حمامة ، مع شهادة الاب من السماء بصوت مسموع :" أنت هو ابنى الحبيب الذى به سررت ".

وعيد الغطاس أو عيد الظهور الالهى أو عيد الأنوار هو ثالث أعياد الكنيسة فى الاهمية بعد عيدى القيامه والميلاد.

وكانت الكنيسة فى القرون الأولى تحتفل مع عيد الميلاد وتعيد بهما معا" وتطلق عليهما عيد الظهور الإلهى .. ويشهد بذلك القديس يوحنا كاسيان (350م – 435م ) أن المعمودية والميلاد كان يحتفل بهما فى مصر فى يوم واحد

يذكر لنا التاريخ الكنسي ان الكنيسة المقدسة كانت تعيد عيدي الميلاد والغطاس معا في عيد واحد حتى القرن الرابع الميلادي وكانت تسميه " الابيفانيا " أي الظهور الالهى علي اساس ان الميلاد والعماد يؤديان معا مضموناً واحداً وهو :- " اعلان لاهوت السيد المسيح " ورأت الكنيسه بعد ذلك فصل كل عيد عن الاخر لتعطيه اهميه اكثر .
وكان منذ زمن قديم يعتبر الغطاس أهم من الميلاد، وتكمن أهميته بظهور الثالوث الاقدس مع بعض أي أن الله كشف لنا سره والاهمية الثانية لهذا العيد تكمن بأن بعد العماد بدأ يسوع برسالته أي بداية الفداء . أما اليوم فمع الاسف فإن هذا العيد هٌمش لتتسع المساحة لعيد الميلاد ورأس السنة.

قال المقريزى المؤرخ المسلم (3):" كان القبط يخرجون من الكنيسة فى مواكب رائعة ويذهبون إلى النيل حيث يسهر المسلمون معهم على ضفاف نهرهم الخالد , وفى ليلتى الغطاس والميلاد كانوا يسهرون حتى الفجر , وكان شاطئا النيل يسطعان بالآف الشموع الجميلة والمشاعل المزخرفة , وفى هذه الليلة كان الخلفاء يوزعون النارنج والليمون والقصب وسمك البورى .

قال المسعودي في مروج الذهب‏:‏ ولليلة الغطاس بمصر شأن عظيم عند أهلها لا ينام الناس فيها وهي ليلة إحدى عشرة من طوبة ولقد حضرت سنة ثلاثة وثلثمائة ليلة الغطاس بمصر والإخشيد محمد بن طفج في داره المعروفة بالمختار في الجزيرة الراكبة على النيل والنيل مطيف بها وقد أمر فأسرج من جانب الجزيرة وجانب الفسطاط ألف مشعل غير ما أسرج أهل مصر من المشاعل والشمع وقد حضر النيل في تلك الليلة‏:‏ مئات ألوف من الناس من المسلمين والنصارى منهم‏:‏ في الزواريق ومنهم في الدور الدانية من النيل ومنهم على الشطوط لا يتناكرون كل ما يمكنهم إظهاره من المآكل والمشارب وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهي والعزف والقصف وهي أحسن ليلة تكون بمصر وأشملها سرورًا ولا تغلق فيها الدروب ويغطس أكثرهم في النيل ويزعمون أن ذلك أمان من المرض ونشرة للداء‏.‏

وقال المسبحي‏:‏ في سن ثمان وثمانين وثلثمائة‏:‏ كان غطاس النصارى فضربت الخيام والمضارب والأشرعة في عدة مواضع على شاطئ النيل فنصبت أسرة للرئيس فهد ابن إبراهيم النصراني كاتب برجوان وأوقدت له الشموع والمشاعل وحضر المغنون والملهون وجلس مع أهله يشرب إلى أن كان وقت الغطاس فغطس وانصرف‏.‏

وقال‏:‏ في سنة خمس عشرة وأربعمائة وفي ليلة الأربعاء رابع ذي القعدة كان غطاس النصارى فجرى الرسم من الناس في شراء الفواكه والضأن وغيره ونزل أمير المؤمنين الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم لقصر جده العزيز بالله بمصر لنظر الغطاس ومعه الحرم ونودي أن لا يختلط المسلمون مع النصارى عند نزولهم إلى البحر في الليل وضرب بدر الدولة الخادم الأسود متولي الشرطتين خيمة عند الجسر وجلس فيها وأمر الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله بأن توقد المشاعل والنار في الليل فكان وقيدًا كثيرًا وحضر الرهبان والقسوس بالصلبان والنيران فقسسوا هناك طويلًا إلى أن غطسوا‏.‏

وقال ابن المأمون‏:‏ إنه كان من رسوم الدولة أنه يفرق على سائر أهل الدولة الترنج والنارنج والليمون المراكبي وأطنان القصب والسمك والبوري برسوم مقررة لكل واحد من أرباب السيوف والأقلام‏.‏

يقول جاك تاجر في كتابه اقباط ومسلمون:بينما كان الاخشيديون يشتركون في هذه الاعياد بصفتهم الشخصية , صبغها الفاطميون بالصبغة الرسمية , فلم يعودوا يحضرونها بصفتهم الشخصية,بل الدولة نفسها هي التي اصبحت تحتفل به.

ملحوظة: كلمة نصاري اطلقها العرب جهلا علي المسيحيين والفرق كبير جدا بين المسيحية والنصرانية والمسيحية لم تعترف بتاتا بالنصرانية لانها تعتبر فرقة مبتدعة , وانتهت بحلول القرن الثامن ولايوجد لها اثرا, اضافة ان تواجدها كان محصورا في منطقة الجزيرة العربية وجزء من العراق والشام(يمكن الكتابة في هذا الموضوع بالتفصيل مستقبلا )

وكل عام وانتم في سلام وطمأنينة ومنتظرون خلاص الرب..الرب قريب


ملحوظة: كلمة نصاري استخدمها العرب علي المسيحيين لكن الفرق كبير جدا بين المسيحية والنصرانية والمسيحية لا تعترف بتاتا بالنصرانية .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق