في ذكرى إبادة أطفال بيت لحم : لمـاذا يُقتل المسيحيون ؟/ عــادل عطيــة


في اليوم الثالث من شهر طوبة المبارك،
من السنة الثانية لميلاد عمانوئيل،
قُتل أطفال بيت لحم الشهداء ..
وفي اليوم الثالث من شهر طوبة من كل عام ،
يتراءى لي :
هيرودس الملك، وهو يستقبل المجوس ..
تصعقه المفاجئة، وهو يسمع منهم :
ان لليهود ولد ملك !
وأن لهذا المولود مُلك شاسع الأرجاء، لا تحصره اليهودية بجبالها وسهولها !
وأنهم جاءوا من بلادهم يحملون الهدايا؛ لكي يسجدوا له مقدمين فروض الطاعة !
وفي هدوء الماكرين ، يستدعي الشيوخ العارفين ..
يسألهم، سؤالاً لفه بكل البساطة والبراءة: أين يولد المسيح ؟ ..
فإذا بهالليل، أحد ثقاتهم،
يجيبه، قائلاً: في بيت لحم اليهودية ..
وقرأ عليه هذه النبوءة:
"وانت يا بيت لحم لست الصغرى بين مدن يهوذا ؛ لأنه منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل" ...
النبوءة صريحة .
والتطبيق صحيحاً .
والشيوخ على لسان زعيمهم، لم يكونوا مجاملين، أو منحرفين، أو مُحرّفين ..
لكنهم أقاموا لأنفسهم حداً عنده يقفون، ولا يتجاوزون..
حد: التفسير والإفتاء !
فقد كانوا عارفين بالكتب المقدسة .
ولديهم العلم بالمكان .
والدليل على ميلاد المسيا .
لكنهم ينصرفون .. كل إلى خاصته، وإلى بيته ..
ـ وكأن الأمر لا يعنيهم شخصياً.
انه العلم الذي يكشف عن الحقيقة، ولايوجد صاحبه في مركزها !
*** *** ***
كان هيرودس قد طلب من المجوس: أن يعودوا إليه متى وجدوا الصبي ..
بخدعة: "لكي آتي أنا أيضاً واسجد له" !
ولكنهم عادوا إلى كورتهم في طريق آخر .
فغضب جداً ..
وأصدر أوامره بقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم ..
وفي كل تخومها..
ليقتل الطفل يسوع في جملتهم !
ولتحقيق غايته الأثيمة ..
إحتال هذا الوحش الحافل سيفه بدماء الابرياء حتى من ذوي قرباه،
بأن أرسل إلى تلك البلاد، قائلاً لهم :
بحسب أمر قيصر، يجب إحصاء كل أطفال بيت لحم، وتخومها من إبن سنتين فما دون ..
فجمعوا مائة وأربعة وأربعين ألفاً من الأطفال على أيدي أمهاتهم .
حينئذ أرسل قائداً ومعه ألف من الجنود .
قاموا بذبحهم جميعاً في يوم واحد على أحد الجبال،
بالقرب من ثرى راحيل..
ليتم قول النبي ارميا:
"صوت سُمع في الرامة نوح وبكاء وعويل كثير . رحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى؛ لأنهم ليسوا بموجودين" !
*** *** ***
ولا تزال هذه النبوءة جارية على كل من ينتسب للمسيح ..
فكما صدرت الأحكام بالقتل على هؤلاء الأطفال؛ لأن المسيح الرب كان وليد ديارهم، وساكن بلدهم !
وكما عانت العذراء مريم ما عانته؛ لأنها مختارة لتكون اماً ليسوع !
وكما أن يوسف البار، عاش الغربة طالت سنيناً في بلاد لم يعلم عنها غير اسمها؛ لأنه كان خطيباً لأم يسوع !
هكذا نحن الذين دعينا بإسمه ..
كتب علينا :
أن نعاني.
وأن نُقتل .
ليس فقط خدمة لكل هيرودس في كل عصر ..
بل وخدمة لله ..
كما يظن المتسيّفون، وكما تنبأ عنهم السيد المسيح !...

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق