حتى لو أعدموا الكمونى ... فالمستقبل مظلم .. مظلم .. مظلم/ مجدى نجيب وهبة


** لا تقول أننى متشائم ، ولكن من أين يأتى التفاؤل ونحن فى هرولة دائمة وراء الأحداث الطائفية والإعلام الطائفى وصحف الفتنة التى ما أن نكاد نطفئ إشتعالها فى أى مكان إلا وقبل إخمادها تجرى أحداث مماثلة ومتشابهة بل أشد عنفا فى مكان أخر من أرجاء المحروسة ، ونظل نهرول من أحداث إلى أخرى والمتهم جارى البحث عنه أو مختل عقليا أو مصاب بحالة نفسية أو تعرض لمشاكل أسرية مع زوجته !! ..
** دعونا قبل أن تتفائلوا ، نتساءل إلى متى يظل المجتمع يتعايش فى الكذب والضلال حتى باتوا يصدقون أنفسهم ، إلى متى نظل ندفع ثمن جرائم كلاب التطرف والإرهاب .. إلى متى تظل الدولة والنظام يستخف بعقول المواطنين أو بالتحديد الأقباط لتبرير القضايا الطائفية البغيضة ضدهم .
** نعم لقد طفح الكيل بأبناء مصر من سمالوط إلى أسيوط إلى المنيا ثم البحيرة حتى إسكندرية ، أحداث عنف طائفى من قتل الأقباط لنهب ممتلكاتهم لحرق الكنائس ، كل لحظة نقرأ عن حوادث طائفية تزداد إشتعالا ثم تهدأ قليلا ولكنها لا تنطفئ وإنما تخمد فى الصدور .
** لقد لاقى إحالة أوراق الكمونى للمفتى وتأجيل الحكم لشركائه إلى 20 فبراير إرتياح بين أهالى وأسر الضحايا للقصاص من المتهم .. إنهم خونة وليسوا مصريين لا علاقة لهم بالوطن ، أياديهم أثمة ملطخة بدماء الضحايا .. نعم إنهم خونة وإرهابيين يتسللون إلى حياتنا كالحيات والأفاعى تبث سمومهم فى وجوهنا ورغم ذلك فالحياة فى مصر سوف تستمر ومثل هذه الجرائم لن تؤثر فى أمن مصر وإستقرارها ..
** دعونا نتساءل لماذا هذا التشاؤم وماذا حدث للوطن ، لماذا مصر تحولت من بداية حكم السادات إلى مستنقع للمنظمات الإرهابية وجرائم للفتن الطائفية ، وهو ما يجعلنا نتذكر ونترحم على الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، لم نسمع فى عصره عن من يسمون أنفسهم الجماعة السلفية أو جماعة التكفير والهجرة أو جماعة الجهاد والدعوة حتى الإخوان المسلمين .. إلتزموا جحورهم وكهوفهم .. لم نسمع خطباء المساجد والزوايا وهم يتغنون بسب النصارى وتكفيرهم بالجوامع والزوايا ووصفهم بالمشركين .. لم تعرف مصر إلا الإسلام دين السماحة واليسر ، الرحمة جوهر رسالته والوسطية منهج دعوته ، لا يقر التحلل ولا الإنحراف ولا التطرف ولا المغالاة .. لم نسمع عن الشعراوى وزغلول النجار وعمر عبد الكافى ومصطفى الشكعة وسليم العوا ومنتصر الزيات وحمدى حمادة ، والشيخ القرضاوى والشيخ يوسف البدرى ... لم نسمع عن كل هؤلاء والعديد والعديد من المتطرفين .. لم نسمع عن فتاوى بول الرسول أو إرضاع الكبير أو عذاب القبر أو جناح الذبابة .. لم نعرف إلا الوسطية فى الإسلام دون مبالغة أو مزايدة .
** سافر عبد الناصر ولم يسافر .. مات ولم يمت .. إبتعد عنا فإزداد قربا منا .. غادرنا فإكتشفنا أنه سكننا .. رحل ناصر ولكن ظلت أنفاسه ساخنة وأحلامه غاضبه وسيرته قائمة ... وعدوا الشعب لو قتلوه أو ذبحوه بأنهار من السمن والعسل وأن يرفعوا عن أعناقهم السكين وأن يخرجوهم من السردين ، لكننا إنتطرنا ما لم يأت .. وعدونا بالجنة دون أن نترك الدنيا وأن يسود الرخاء ويتلاشى الطغيان لكننا إنتظرنا ما لم يأت .. لم نعد نملك سوى أن نتذكره فى يوم ثورته ويوم ميلاده ويوم وفاته .
** إن عبد الناصر رغم مرور 40 عاما على رحيله لا يزال رمز لكل ما هو قومى ووطنى وجماهيرى وشعبى .. لقد أمن بشعار "الدين لله والوطن للجميع" ، فأرسى مبادئ العدالة والأمان والمواطنة .
** لم نسمع عن هذه العصابات المضللة إلا منذ بداية عام 1970 .. إنهم فئة ضالة يقتلون كل من يخرج عن طوعهم وسيطرتهم فهل هذا هو إسلامهم ؟!!! ... هل كل شخص لا يتبعهم يكون كافرا ، إنهم فئة بلا دين فدينهم هو سفك الدماء على أطراف الرماح .. قالوا أن حلاقة الذقن حرام ، هل هذا يعقل وما هى علاقة الذقن بالدين .. أقروا إرتداء الجلباب بوصفها سنة .. حرموا العمل بالحكومة وأفتوا بحرمانية التعليم للمرأة كما أفتوا بتكفير كل من يرفع شعار الهلال مع الصليب ، أصدروا بيانا بمقاطعة جميع المصالح المسيحية التى على حد قول البيان تستقوى بها الكنيسة ووصفوا الكنيسة بالغطرسة وتحدى الدولة ، فالمسيحيين موصومين من هؤلاء الكافرين بالكفار ، كل ذلك دفع أحد الكافرين بتنفيذ الجريمة البشعة بكنيسة القديسين ..
** نعم حسنا فعلت محكمة "أمن الدولة العليا" بالحكم على الإرهابى بالإعدام ، وقد يكون الحكم هو بادرة أمل لوقف أمواج التطرف والتى سادت جميع عقول وأرجاء المحروسة ، حتى بات المستقبل مخيف بدرجة كبيرة ... لن أكون متفائلا لأننى لا أرى إلا الظلام الدامس القادم فهل يستطيع الوطن أن يسترد عافيته لينجو من الفوضى والإرهاب ... لماذا تركنا الإرهاب يتوغل حتى صار المسلم لم يعد مصريا ولا المسيحى مصرى ، كل منهم يبحث عن هوية أخرى تحميه من حرب موجهة ضد الجميع ، حرب تتأكل فيها الدولة ويمتص دمها ، وكلا يبحث عن جماعة صغيرة وليس هناك أقوى من جماعة تتحدث بإسم أعلى قوة روحية "الله" ، هنا يروج الوكلاء .. فى الإسلام .. وكلاء للإرهاب والقتل والسلاح بإسم الله والعودة بالقوة إلى الدولة الإسلامية .
** أما الأقباط فليس أمامهم إلا دعوات الإضطهاد والعزلة والهجرة وهو ما دفع الأقباط إلى الإحتماء بجدران الكنيسة فلا سقف فى الدولة يحميهم !! .. ومع ذلك فالدولة غائبة مشغولة فى توزيع الغنائم على كبارها .. دولة لا تتمتع بكفاءة حتى فى حماية نفسها لأنه عندما تشتعل حرب طائفية وفق أى موديل سيحترق الجميع ولا فرق بين من يملك طائرة سيفكر فى الهرب بها ومن لا يملك سوى سكين مطبخ يخرج به ويقتل من أجل أن يعيش ...
** جرائم بشعة أحدثت صدمة فى قلب الوطن .. لم يصدق أبناء الوطن أقباطا ومسلمين أن تحدث هذه المجزرة فى مصر فى عروس البحر المتوسط بكنيسة القديسين بالأسكندرية ... المجرم يقف بيننا ويمارس حياته الطبيعية وهو يشاهد أشلاء الأجساد تتطاير ، لم يهتز له جفن فقد أدمن مص الدماء .. وقف النظام بكيل الإتهام للقاعدة علما بأن السفهاء السلفيين حين خرجوا من الجوامع كانت هتافاتهم بتدمير الكنائس وطرد الكفار وتوجيه السباب للبابا وتم ذلك وسط حراسات أمنية وتركوهم بإسم الديمقراطية يسبون الأقباط والكنيسة ... لم يكلف النظام أو جهات التحقيق البحث فى وجوه هؤلاء الإرهابيين الذين خرجوا من جامع القائد ولا القبض على من حرضهم ولكن تمر الأيام ومازال البحث جاريا عن مفجر المجزرة ... بل لقد خرجت بعض البيانات والتى نشرت فى الصحف أن مدبر هذه الجريمة البشعة شخص بلا شركاء وكأنها تعيد سيناريو الروايات الساذجة التى لا يصدقها حتى مؤلفيها فى لاظوغلى ، لكن الخطير هو إستسهال الأمن فى كل مرة وعنادها ورغبتها فى تمرير سيناريو الجريمة الفردية لتنفى وجود تنظيمات لا تعرفها ولا تعرف طريقة تفكيرها ..
** ورغم بشاعة الحدث خرجت أقلام التطرف المغموسة بدماء الإرهاب لتدين الأقباط فى سيناريو أحداث العمرانية ولم يسأل واحد أين حق ضحايا رصاص الشرطة الذين سقطوا وهم يدافعون عن مبنى كنسى يحمل ترخيص ولكن كان إتهامهم من قبل حى العمرانية وأمن الجيزة بعمل قباب أعلى المبنى وإقامة أجراس ، فهل هى عار ... ماذا حدث لهذا الوطن إنطلقت الأقلام وهى تخمد خناجرها فى قلوب الأقباط وهم يرقصون رقصة الحرباء ، كيف يتظاهر الأقباط وكيف يقذفون الأمن بالحجارة ومن أين أتتهم كل هذه الجراءة ...
** ولم تمر أيام قليلة على أحداث مجزرة كنيسة القديسين إلا وحدثت مجزرة أشد بشاعة لم تحدث فى مصر ولا فى أى دولة فى العالم .. أشد طائفية ولكننا شاهدناها فى أفلام الكاوبوى الأمريكية .. الأحداث فى قطار سمالوط.. مندوب شرطة يعبئ سلاحه الميرى وكان قد تم شحن المندوب بعد وفاة أحد السلفيين الذين قبضوا عليهم للتحقيق فى أحداث الأسكندرية وإتهم الأمن بأنهم من تسببوا فى وفاة "سيد بلال" ... لم يحتمل هذا الإرهابى والمنوط بحراسة الأمن وفاة أحد أبناء جماعة السلفيين فأراد أن ينتقم من النصارى .. كان يبيت للجريمة وعندما شاهد قطار الصعيد القادم من أسيوط والمنيا ، وقد وقف فى محطة سمالوط لم يفكر كثيرا فقد قرر أن يكون البطل "جواد حسنى" أو قاذف الرئيس بوش بالأحذية أو أحد كوادر حماس ، لم يفكر كثيرا الإرهابى ، وجد ضالته فى بعض المسيحيين الذين شاء حظهم التعس أن يسهلوا جريمته فقد فضلوا حجز المقاعد 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 وهى أول العربة وخلف الجرار ... إذن فالصيد سهل ولن يعوقه وجود إخوة مسلمين بجوارهم ، وهو ما جعل المجرم يذهب لمنتصف العربة ربما وجد أحد يعرفه وعندما إطمئن على سير جريمته البشعة عاد إلى الكراسى الأمامية وأطلق رصاص طبنجته الميرى ولأن الهدف لم يكون عشوائيا فقد جعل كل طلقة من نصيب فرد مسيحى ليزيد عدد الضحايا وهو على مقربة من الضحايا ، ثم حاول بعد ذلك أن يهرب بجريمته ولكن شجاعة مواطن امسكت بـالجاكيت وسلاحه الميرى بعد أن تركهم المجرم وهرب ثم ذهب إلى منزله وجلس وسط أسرته لكى ينام فى هدوء فقد قتل 6 من الكفار ... جريمة إرهابية طائفية أما ما حدث بعد ذلك وما رددته بعض مصادر بالتحقيق فى الجريمة فهو ما يجعلنا نضرب كف على كف فلا أمل ولكن سنظل نعيش فى ظلام ... ظلام .
** خرجت التصاريح والتقارير لتعلن دون خجل أن مندوب الشرطة لا تربطه علاقة بالمجنى عليهم ولا هم يعرفونه ونقول لهم من قال غير ذلك ، بل خرج ما هو أكثر وقاحة وسفالة وكتب ببعض الصحف بل جميعها أن مندوب الشرطة يعانى من بعض الإضطرابات النفسية نتيجة الخلافات مع زوجته ... والمطلوب أن نصمت جميعا ونضع جزمة قديمة فى بوئنا ونخرس وإذا تكلمنا فنحن متطرفين ونشعل الفتنة الطائفية وإذا سكتنا فنحن فئة جبانة لا تستحق الحياة ولا نقبل أن نكون مواطنين فى هذا الوطن ...
** لقد إتضح أن مندوب الشرطة "ننوس عين أمه" كان يداعب الطبنجة وخرجت الرصاصات من مسدسه دون ان يدرى والمصيبة السودة مطلوب أن نصدق كل هذا الكلام بل سيقول لنا مش كفاية أعدمنا لكم الكمونى .. هو أنتوا إيه ، ما نعدم مندوب الشرطة بالمرة ... خلاص الكمونى أحالنا أوراقه للمفتى لأنه مجرم سابقا ولسنا فى حاجة لوجوده وأهو سكتناكم وكفاية عليكم .. هو إحنا هانفضل نحرس لكم الكنائس ما تقفلوها وتريحونا ... نعم إنها بعض الملاحظات على الأحداث الجارية والتى ساهمت الدولة فى إزكائها ...
** لقد تركت الدولة دعاة الفتنة الطائفية فى الميكروباصات بتشغيل شرائط دعاة الفتنة ، كما أن هناك الملصقات التى تظل تمارس إلحاحا شديدا على كل الركاب فى وسائل المواصلات العامة خاصة مترو الأنفاق والتى تهدد غير المحجبات وتتوعدهم بعذاب القبر والثعبان الأقرع !!! ، كما تركت فتاوى صادرة عن جهات رسمية ومذيلة بإمضاء مشايخ التطرف لمقاتلة الكفار .
** لم تحاكم أجهزة النظام قاتل "عم نصحى 68 عاما " العجوز الذى فقد حياته فى المذابح الطائفية فى كنائس الأسكندرية عام 2006 بعد أن عاش عمره تحت أوهام "الوحدة الوطنية" ، وذلك بسكين مجنون كان يتصور نفسه يعيد أمجاد دولة الرسول ، كما تصورها الأفلام الدينية وقيل أنه مختل عقليا وعلى طريقة النعامة التى تدفن رأسها فى الرمال تصر أجهزة الأمن على ألا ترى القاتل الحقيقى .. لا ترى الشحن الطائفى فى المدارس والجامعات والمساجد والزوايا وأجهزة الإعلام والصحف الطائفية ومن يحرضون عليها ، ومن يمارسونها ...
** وعقب كل حادثة لا تفكر الداخلية إلا فى إصدار بيان بأنها ألقت القبض على المجرم ومعه شهادة مختل عقليا فهل أخضعته الداخلية لفحوص طويلة من أطباء نفسيين ؟!! ، أم أنها كانت تبحث له عن طوق نجاة يهرب به من العقاب وتغسل أيديها من الجريمة ؟!!! ... فهل مازال هناك أمل ..

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق